قصصات مبعثرة
الخميس، 7 نوفمبر 2013
الاثنين، 22 أكتوبر 2012
فلسفة ابن رشد
أبو الوليد محمد بن أحمد ابن محمد بن رشد، المعروف عند الغربيين في القرون الوسطى باسم أفروس Averroes ولد بقرطبة عام 520هـ(1126م). وكان جده قاضي قرطبة، وقد خلف عدة مؤلفات قيمة؛ كما كان أبوه قاضياً كذلك. ودرس ابن رشد في مسقط رأسه الفقه المالكي و الطب و من اشهر كتبه في الفقة (بداية المجتهد و نهاية المقتصد في الفقه ) ووصل الى منصب قاضي القضاة وذلك في ايام الخليفة يوسف ابن عبد المؤمن.
ابن رشد و ارسط
ولقد تصدى ابن رشد في كتابه تهافت التهافت لأراء الغزالي موضحا ان الفلاسفة لم يقولوا بهذه الأراء على الصورة التي فهمها الغزالي و كان ابن رشد يرى ان الغزالي غرضه التشويش
فانهم قد ذهبوا الى القول بانه لا توجد ضرورة بين الأسباب و المسببات
و ابن رشد يؤكد دائما على السببية
فلقد دافع ابن رشد وبقوة عن التأويل و الأجتهاد في فهم الأيات القرأنية. وكان رايه صريحا وجريئا اذ انه كان يعني اذا ما توافق العقل مع الشرع فانه لا توجد هناك مشكلة وان اختلفا فانه يجب علينا ان نعيد تفسير الأيات تفسيرا يقبله العقل لأن الله هو من خلق لنا العقل و ارسل لنا الدين و الطبيعي ان لا يتعارضا
هل الأنسان مخير ام مسير عند ابن رشد :
و الأشاعرة حاولوا الوقوف موقف وسط بين الجبرية و حرية الأرادة (المعتزلة)
و انحاز ابن رشد الى المعتزلة
و نجح تلاميذ ابن رشد في اوروبا ان يؤسسوا ما عرف باسم عصر العقل و هو العصر الذي سبق و ادى بالضرورة الى قيام النهضة الأوروبية التي نراها الأن
و منهم الكاهن الهولندي هرمان فان ريزويك الذي قال يوم احراقه بتهمة الهرطقة في لاهاي عام 1512
الأحد، 21 أكتوبر 2012
منهج صياغة البدائل
لتحقيق العدالة الإجتماعية في المجتمع السوداني
الجمعة، 27 يناير 2012
إني أرى شجراً يتحرك
المتابع للشأن السياسي منذ إنقلاب الانقاذ وإقتصاب السلطة السياسية بالقوة من قبل الحركة الإسلامية السودانية (بغض النظر عن تنظيماتها ومسمياتها) لابد ان يكون مصاب بالدهشة من سلوكيات هذه الجماعة وتقلاباتها وفقدانها بوصلة لتحديد الاتجاه الصحيح .... طيلة هذه الفترة فقدت الحركة الإسلامية الحاكمة التفكير الاستراتيجي للتعامل مع قضايا البلاد وتعقدات الواقع السوداني ... لتحقيق التنمية والرفاهية لهذا الشعب الصابر ..... وصلت الحركة الاسلامية للسلطة عبر إنقلاب عسكري مارست فيه كل فنون الكذب والتضليل وهما صفتان لا يمكن ان يتصف بهم أي مؤمن ...... وإستباحت دماء الناس دون حق وأرتكبت الكبائر .... فقتلت النفس التي حرم الله قتلتها ....... كل ذلك حدث بتأيد كامل من كل منسوبي الحركة الإسلامية .... ودعم فتوي من علمائها ... تطويعاً للنصوص دون خوفاً من الله ولا واعزاً من ضمير .... عملت الحركة الإسلامية من أجل التمكين وتوطيد مشروعها الحضاري والذي لا يمثل أكثر من شعارات لا يمكن بأي حال من الأحوال ان تمثل دافع لتنمية البلاد وتحقيق التنمية الاجتماعية والاقتصادية ..... الشعارات مهما ما كانت قدسيتها لا تمثل أرضية لتحقيق التنمية الاجتماعية والاقتصادية ...
ارتبط العنف بالعمل السياسي لدى الحركة الاسلامية وهي أول تنظيم استخدم العنف في الصراع الفكري والثقافي وكان ذلك في ستينيات القرن الماضي بجامعة الخرطوم ولازم العنف وإقصاء الاخر والترهيب كل النشاط السياسي للحركة الاسلامية وهذا أمر غير مثير للدهشة ..... المثير للدهشة ان تستخدم كتائب الحركة الاسلامية لقمع المظاهرات ويعلن عن ذلك رسميا .... طيلة الفترة السابقة يعلم الجميع مشاركة كتائب الحركة الاسلامية المسلحة في حسم النشاط السياسي ولكن ان يعلن عن ذلك رسميا كما حدث في احداث نيالا ماخراً ظاهرة جديرة بالاهتمام ...... هل تعمل الحركة الاسلامية على تحطيم هذا البلد ولمصلحة من ؟ ان السياسات الخرقاء وضيق. الأفق السياسي آدت إلى تقسيم البلاد عبر الشراكة الإستراتيجة والمشبوه بين الحركة الإسلامية والحركة الشعبية لتحرير السودان ..... وكنا نظن إن ذلك عبرة لمن يعتبر ... للمحافظة على وحدة البلاد وإستقرارها ..... من لطف الله بأهل السودان ان المعارضة الرئيسية (أمة وإتحادي وشيوعي) لا تعول على العنفوالكتائب المسلحة ...... بغض النظر في اسباب ذلك سواء لضعفها أو تفكيرها الاستراتيجي غير مهم ؟ حتى متى سيكون ذلك هو الحال مع استخدام الحركة الاسلامية لكتائبتها لحسم الصراع السياسي ..... ان استخدام الكتائب المسلحة في العمل السياسي اليومي يمثل كارثة بكل المقايس ولا يحقق استقرار في البلاد ... والتاريخ يشهد على كثيراً من الأمثلة .... لبنان والصومال وكثير من الدول الإفريقية...... لم يكفي هذا الحاكم الإسلامي ما تحت إمرته من قوات شرطة وجيش وأمن الرسمي والشعبي منه ..... حتى ولجاء إستخدام كتائب مسلحة لحسم صراع سياسي وفرض مواقفه.
إن ما تقوم به الحكومة يتعدى مرحلة الخلاف السياسي والمعارضة لتوجهات سياسية .... أن أسلوب استخدام الكتائب عمل خطر يهد كيان وبقاء هذا البلد وإستقراره وعلى العقلاء في الحركة الإسلامية (إن كان هناك عقلاء) العمل على ايقافه وهم المسؤلون عن ذلك .... لا يمكن ان يرتبط الإسلام بقتل العباد وتخريب البلاد ونشر الفساد وعدم الاستقرار......... أليس هناك عقلاء وسط الحركة الاسلامية يخاف الله في هذا البلد ويعلم أخوانه بأنه يرى سخر يتحرك ويهديهم إلى الصواب .... إتقوا الله فينا وفي هذا البلد
ولنرفض جميعاً وبكل وسائل التعبير. واحتجاج السلمية الزج بالكتائب الحزبية في حسم الصراع السياسي ...... لا بد ان نرى الشجر الذي يتحرك ...... إن ممارسات الحاكم الإسلامي الحالي تهدد كيان هذا البلد مما يجعل كل الملفات الاخرى من فساد وديمقراطية وحريات والتداول السلمي للسلطة والعدالة الاجتماعية أقل أهمية
الأربعاء، 4 يناير 2012
العنف الطلابي
- الجامعة مؤسسة أكاديمية تاريخها يمتدلأكثر من ملايين سنةٍ مما جعل له جذوراً عميقة، وتقاليد راسخة وصارمةً
- كلمة "أكاديمية " مستمدة من اسم من حديقة عامة في أثينا كان يملكها البطل اليوناني، Academus؛ الذي أعطى هذه الحديقة لأفلاطون قبل عدة سنوات من قبل ميلاد المسيح. حيث أقام فيها أفلاطون مسرحا للموجهين والطلاب لتبادل الأفكار وتطويرها، واقتراح فلسفات الحياة.
- من حينها حتى اليوم تعرف "الأكاديمية" بالمؤسسة التعليمية التي تعزز النمو الفكري.
- مهدت أكاديمية أفلاطون إلى "الجامعة" في عصرنا الحالي، والتى تمثل منتدى للبحث عن الحقيقة، وإنتاج المعرفة ، والقيام بالتواصل من أجلالتعلم
- الأكاديمية لها طابع خاص نابع من أصولها وهو: المسؤولية المدنية لإجراء الحوارات المعنية بنزاع الأفكار وإختلافها. بإسلوب سلمي مستنداً على مبدأ حرية الفكر والتعبير، وحرية التعلم ، الاستفسار، والتحدي.
- إن إنتاج وإصدار المعرفة الجديدة لا يمكن أن يمضي قدماً دون هذه الحرية. وهذا ما يعطي الجامعة طابعها الخاص والمتفرد.
- الاختلاف في الأفكار ووجهات النظر من سمات الجامعة ويساهم في تطوير مقدرات الطلاب و تكوينهم النفسي والذهني وإعدادهم لتحمل مسؤلياتهم المستقبلية .... ويتطلب ذلك حرية الفكر والتعبير والتعلم والاستفسار في بيئة تفاعلية ، بعيدة عن العنف وإقصاء كالأخر تحت إشراف الأساتذة (الموجهين) ...... ويتطلب ذلك إستقلال الجامعة فكرياً وسياساً ومالياً وإدارياً
مسببات العنف الطلابي:
- تتدخل تنظيمات سياسية خارجية (حكومة أو معارضة) في شؤون الجامعة ومحاولة توجيه الطلاب لتحقيق اهداف خاصة بها ونقل صراعاتها إلى الحرم الجامعي، وتشجيع الطلاب على استخدام العنف في نشاطهم السياسي، مستفيدة من مناخ الحرية بالجامعة، كل ذلك يطعن في استقلال الجامعة؛ ويقعدها من القيام بمهمتها الاساسية ويدخل الطلاب في صراع مباشر مع بعضهم في محاولة إقصاء كل مجموعة للأخرى ليس بعمل العقل والمنطق بل باستخدام القوة والعنف، ويصبح الصراع صراع على مكاسب سياسية بعيدة عن صراع أفكار ولا يتبع التقاليد الأكاديمية المعروفة .... العمل السياسي مهم لتكوين شخصية الطالب لكن يجب ان يمارس داخل الجامعة دون تتدخل من التنظيمات السياسية خارج الجامعة والسلطة الحاكمة وان يمارس بأجندة الطلاب وليس بأجندة التنظيمات السياسية في خارج الجامعة .....
- ضعف النشاط اللاصفي بالجامعة (ثقافي-رياضي- خدمة مجتمع- الخ) لعدم توفر البنية التحتية لمثل هذا النشاط من ملاعب ومسارح وأدوات موسيقية وموجهيين وغيره .... فمثال في جامعة الخرطوم هناك ملعبين لكرة القدم وملعبين لكرة السلة وحوض سباحة واحد متاحة حوالي ٣٠ آلف طالب ... وأكثر هذه الملاعب تحتاج الى كثير من الصيانة وإعادة التأهيل ولا يوجد مسرح بمواصفات مقبولة ويضاف إلا ذلك قلة عدد الموجهين في المجالات الثقافية والرياضية ..... في كل جامعات العالم مثل هذه البنيات التحتية متاحة مواصفات عالمية وقد تكون أحسن الملاعب والمسارح بالمدينة........ ولا أظن ان الجامعة تملك الموارد الضرورية لإنشاء مثل هذه البنيات .....
- ضعف تواصل الأساتذة مع الطلاب وانسداد قنوات الحوار بين الأساتذة والإدارة من جهة والطلاب من جهة أخرى .... وقد يعود ذلك للزيادة الكبيرة في عدد الطلاب دون زيادة مقابلة لها في عدد الأساتذة.... وعدم توفر الوقت الكافي للأساتذة لذلك الحوار لانشغالهم في توفير مطلوبات الحياة في حدها الأدنى .... ان مرتب الاستاذ من الضعف مما يجعله ان يقوم بمهامه في حد قد يكون من الأدنى .... ويقتصر على المحاضرات .... وحتى المحاضرات قد لا تنفذ بصورة مرضية ...... ان عدم إعطاء الأستاذ جل وقته للأنشطة الصفية ولا صفية بالجامعة ..... يهزم بالكامل دور الجامعة التي يجب ان تكون كل أنشطة الطلاب فيها تحت إشراف وتوجيه الأساتذة.... فمن الضروري مراجعة الوضع الوظيفي للأساتذة من أجل استقرار الجامعة وإبعاب شبح العنف في إدارة الصراع والاختلاف بين الطلاب
- الاسلوب المتبع حاليا في تكوين (إنتخاب) اتحاد الطلاب .... الجامعة مجتمع صغير community وليس مجتمع كبير society ....... مثل النادي أو الحي فمن الضروري مشاركة الجميع في إدارة شؤونه....نظام انتخاب اتحاد الطلاب المعمول به حاليا استقصائي ويسمح بمجموعة واحدة بإدارة شؤون الطلاب بالجامعة .... مما يولد مناخاً ملائما للعنف .... من الضروري مراجعة اسلوب الانتخاب الحالي للسماح لجميع الطلاب بالمشاركة في إدارة شؤونهم
- محاولة النيل من إستقلال الجامعة وإخضاعها لتحكم السلطة الحاكمة بوسائل مختلفة منها العنف .... قد يكون مهدداً لإستقرار الجامعة مساعداً في توفير بيئة تؤدي للعنف كردة فعل من الطلاب .... مواجهة بين الطلاب والسلطة الحاكمة وهناك أدلة كثيرة عل ذلك مثل ما حدث عام ١٩٦٣ عندما ضمت الجامعة لوزارة التربية والتعليم وغيره من الأمثلة
- ضعف الإرشاد والنصح المقدم للطلاب حيث تفتقد الجامعة متمثلة في عمادة الطلاب للمرشدين المؤهليين أكاديماً والذين لديهم خبرة في مثل هذا المجال .... للمرشدين دور محوري في توجيه الطلاب وتعليمهم إدارة الخلاف بينهم بمنهج سلمي وباستخدام العقل والمنطق ... قبول الهزيمة بروح سمحة وعدم إقصاء الأخر لي أي سبب من الأسباب ..... وتطوير مقدرة الطالب (افراد وتنظيمات) على قبول الراى الآخر مهما كانت بعيداً مما يراه صحيحاً .....
د
ش
الأحد، 1 يناير 2012
التعليم الهندسي: بين التقاليد المورثة والتحديات المعاصرة
مقدمة:
توفرت في مطلع هذا القرن ظروف علمية وتقنية واقتصادية، أتاحت للمجتمعات الإنسانية الانتقال من مرحلة الاختراعات المتقطعة والمنفردة إلى مرحلة أوسع تتميز بالتحولات المنظومية للتقانات كافة، مما ساعد هذه المجتمعات على القفز من مجتمع الصناعة- التقانة إلى مجتمع المعرفة। في حقيقة الأمر تشهد البشرية في عصرنا الحالي ثورات عدة متفاعلة. هذه الثورات التي تحدث التأثير في المجتمعات المعاصرة تتمثل في:
- ثورة العولمة الاقتصادية، والتي ستقود إلى الفصل بين الاقتصادي والسياسي وتفَوُّقِ الأول على الثاني
- ثورة الاتصالات والمعلومات، التي تتسع حدودها على نحو مستمر وبطريقة تتعقد معها عملية التحكم بها وإدارتها
- الثورة الجينية، التي تسير نحو التأثير في الأجناس البشرية والنباتية والحيوانية، وتقلب بدورها مفاهيم الحياة والإنجاب وتحديد الأجناس الحيّة
- ثورة التقانة النانوية، التي ستسمح بتطبيقات كانت حتى فترة قريبة ضرباً من الخيال।
في هذا الواقع المعاصر يكتسب التعليم بصورة عامة والتعليم العالي بصورة خاصة أهمية قصوى في المجتمعات والدول الحديثة، وذلك لدوره في إحداث التطور الحضاري والاقتصادي والثقافي والاجتماعي، وأصبح التعليم يمثل مورداً استراتيجياً للمجتمعات الحديثة والذي يمد المجتمع بكافة احتياجاته من الكوادر العلمية والفنية المتخصصة، مما يجعله طاقة إنتاجية متنوعة وثروة متجددة ودائمة تؤدي إلى زيادة القيمة المضافة وتعزيز النمو الاقتصادي، والتي من شأنها تحقيق رفاهية المجتمعات ومحاربة الفقر.
إن القدرة على مواكبة التغير السريع في المجالات التقنية المعاصرة، يعتمد بشكل رئيس على الوعي بحجم التحديات والصعوبات التي تفرزها هذه التقنيات، والتي تحتاج إلى الكثير من الجهد والمتابعة والمثابرة لضمان مواكبتها والتفاعل مع قوانينها والسعي إلى الإفادة منها. ويعتبر الحقل الهندسي، والتعليم والتدريب المرتبط به من أكثر المجالات عرضة للتقادم وأشدها حاجة للمراجعة والتجديد والملاءَمة وذلك بحكم ارتباطه المباشر بالمجال التقني بل لعله يصنف ضمن العوامل المؤثرة في هذه التغيرات السريعة. ومن هنا تبرز الحاجة لمراجعة أساليب التعلم والتدريب في المجال الهندسي، لتواكب تحديات القرن الحاي والعشرين.
تاريح التعليم والجامعات
إن التعليم و التدريب يعدَّان من الأنشطة الاجتماعية الرئيسية التي تساهم في تكوين الإنسان وإعداده للعمل، مما ينعكس على تطور المجتمعات ورفاهيتها. مر التعليم و التدريب في مختلف العصور بمراحل مختلفة، إذ انتقلت مهامه من الأسرة إلي المعلمين الحرفيين و إلى المدارس والمعاهد والجامعات. وذلك بعد تطور تقنيات العمل ووسائله التي أصبحت تحتاج إلى معارف ومهارات متطورة.
استمر التطور الأكاديمي لأكثر من ملايين سنةٍ مما جعل له جذوراً عميقة، وليس من السهولة التغيير فيه. وفي المقابل، فإن مهنة الهندسة، كما تقاس على سبيل المثال بعمر كليات الهندسة الجمعيات المهنية الذي قد يمتد إلى قرن أو اثنين تعتبر أصغر سنا بكثير. وهكذا، يمكننا أن نعتبر أن التعليم الهندسي بمثابة تركيز لنهج جديدة في التعليم يتناول الحاجة والمشاكل المعاصرة.
كلمة "أكاديمية " باللغة الإنجليزية academic مستمدة من اسم من حديقة عامة في أثينا كان يملكها البطل اليوناني، Academus. أعطى Academus هذه الحديقة لأفلاطون قبل عدة سنوات من قبل ميلاد المسيح. حيث أقام فيها أفلاطون مسرحا للموجهين والطلاب لتبادل الأفكار وتطويرها، واقتراح فلسفات الحياة. ومن حينها حتى اليوم تعرف "الأكاديمية" بالمؤسسة التعليمية التي تعزز النمو الفكري. مهدت أكاديمية أفلاطون إلى "الجامعة" في عصرنا الحالي، والتى تمثل منتدى للبحث عن الحقيقة، وإنتاج المعرفة ، والقيام بالتواصل من أجل التعلم. فالأكاديمية لها طابع خاص نابع من أصولها وهو: المسؤولية المدنية لإجراء الحوارات المعنية بنزاع الأفكار وإختلافها. إن التواصل بين الدارسين والباحثين بهذا الأسلوب يشجع يحمي على حد سواء "الحدائق الفكرية" في العالم مستنداً على مبدأ حرية الفكر والتعبير، وحرية التعلم ، الاستفسار، والتحدي. إن إنتاج وإصدار المعرفة الجديدة لا يمكن أن يمضي قدماً دون هذه الحرية. إن مفهوم حرية البحث والتفكير والتحديات ذات الصلة من جميع وجهات نظر منسوبي الأكاديمية يعطي الجامعة طابعها الخاص والمتفرد. يعتمد الطابع الوطني والثروة الاقتصادية في مجتمعاتنا المعاصرة وفي الدول الديمقراطية خاصة على التداخل المستمرة بين التعلم وحرية تطبيق المعرفة مع كل المخاطر الفردية والجماعية. حيث اعتمد تأسيس نظام حكومات على بنيات سياسية أساسية تسمح وتشجع المواهب والرغبات الفردية على الازدهار تحقيقاً للرفاهية الاقتصادية.
شكلت الحياة في الأكاديمية من قبل التعاليم المبكرة لأفلاطون وطالبه الأكثر شهرة وأرسطو، وتمثلت في التحليل المركز أو الدراسة في مجال ضيق وبعمق، "الاختزال reductionism " أو "تجزئة المعرفة fractionization of knowledge ". مما جعل من الصعب بعض الشيء بالنسبة للأكاديمية التعامل مع مفهوم تكامل المعرفة، أو التوليف synthesis، والذي يمثل السمة المميزة لفلسفة مهنة الهندسة.
عبر تاريخ تطور الأكاديمية أصبحت إهتمامات العلماء والدارسين أكثر تخصصاً، وقد يكون أكثر مما كان يهدف إليه أفلاطون، وخصوصا في عصرنا الحالي جيث ازدهرت العلوم والتقانة وأوجدت مجالات فرعية تشتمل على العديد من التخصصات فرعية.
تتطور العلوم في القرن الحادي والعشرين تطلب وبشكل متزايد إزالة الحدود والحواجز بين التخصصات المختلفة ، حيث تزايد إنتاج المعرفة في الحدود المشتركة والمتداخلة بين التخصصات المختلفة. انسجاما، مع ذاك أصبحت هناك حاجة متزايدة لقيام الأكاديمية بتعليم الطلاب وتثقيفهم لرؤية العالم كوحدة واحدة، ومساعدتهم لفهم الترابط بين المجالات والتخصصات المتباينة، وتعليمهم التوليف في التوازن مع التحليل، وتعزيز قدراتهم لبناء علاقات بين عالم التعلم والعالم خارجي.
تحديات الجامعة في الزمن المعاصر
في عام 1944، كتب فيلسوف القرن العشرين، وخوسيه أورتيغا عن رسالة الجامعة التالي: "إن الحاجة إلى إنتاج توليفات سليمة ومنهجة المعرفة سوف يحتاج إلى نوعا من العبقرية العلمية التي كانت موجودة الآن فتمثل فقط انحرافا: وهي عبقرية تحقيق التكامل. يعني هذا بالضرورة التخصص، كما هو حال كل جهد خلاق ومبدع ، ولكن هذه المرة يكون الفرد متخصصاَ في بناء الجامع. الزخم الذي يملي التحقيق إلى أجل غير مسمى في فصل مشاكل معينة، ونضج الأبحاث، يحتم ضرورة التحكم التعويضي، كما هو الحال في أي منظمة صحية، الذي يفترض أن تقدمه قوة جذب في الاتجاه المعاكس، ويحجز علم الطرد المركزي في نفع المؤسسة ... إن اختيار الأساتذة لا يعتمد على رتبهم كباحثين ولكن على مواهبهم للإنتاج."
تحدث أورتيغا بصورة عامة من احتياجات المجتمع المستقبلية التي يجب ان تهتم بها الأكاديمية، كما بشر بالابتكارات التي نوقشت خلال عقد الثمانيات من القرن الماضي في للتعليم الهندسي. عامة يجب التفكير في ما يلي: سيصبح العالم أكثر إثارة وأكثر تعقيداً في القرن الحادي والعشرين. مما يتطلب الاهتمام بطبيعة العمل والاسترخاء المتطورة على نحو متزايد، وتزايد الاعتماد المتبادل بين الثقافات المختلفة، وانتشار وسائل الاتصال التي ستؤثر على الأساليب التي نفكر ونعمل بها، والصعود من الأمم ، المنضبطة وتعمل بجد، والتطلعات المتزايدة للدول الأقل نموا، و القلق على البيئة الهشة.
عامة يتطلب التعقيد التخصص في السعي لتحقيق الاكتشاف، مما يتطلب التعمق في فهمنا للعالم الحديث وإنتاج المعرفة اللازمة لحل المعضلات الراهنة وتحسين نوعية الحياة. في هذه العملية ، نقوم باستمرار بتجزئة المعرفة ، وتحليل أي جزء مهما أصغر بعمق أكبر وأكبر. تدريب الموظفين في القرن 20 بشكل جيد على هذه المهمة، مما يمثل موطن قوة عالمية يجب المحافظة عليها، ولكن ما هي المهارات الإضافية المطلوبة قي قادة القرن الحادي والعشرين؟
تمثل القدرة على الربط بين الاكتشافات التي تبدو متفاوتة، والأحداث، والاتجاهات، وإدماجها في السبل التي تعود بالنفع على المجتمع العالمي، السمة المميزة للعاملين في العصر الحديث. ويجب أن يمتلكوا ماهرات التوليف بالإضافة إلى مهارات التحليل، كما يجب أن يتسموا بالذكاء من الناحية التقنية. وداخل المجتمعات الجامعية، على وجه الخصوص ، يجب أن تتوفر بيئة فكرية وتعليمية تتيح للطلاب تطوير وعيهم حول تأثيرات التقنيات الناشئة، والتعامل مع الهندسة كعملية لا تتجزأ من عملية التغير الاجتماعي، وتحمل مسؤولية تقدم الحضارة.
العلم هو عملية اكتشاف وإنتاج المعرفة. بالإضافة إلى المشاركة في هذه العملية يتحمل المهندسون مسؤولة إضافبة متمثلة في تطبيق المعرفة الجديدة لإنتاج ما لم يكن معروفاً: تكامل الأفكار المبتكرة، والأجهزة، والنظم لتحقيق التغيير. في الواقع ، تمثل العلوم الهندسية عنصراً حاسماً من أدوات المهندس العقلية ، ولكن كما قال جاي دبليو فوريستر وبشكل واضح في عام 1967، "لقد أصبح المهندس منشغلا بالعلوم مما أدى إلى عدم التركيز على أهداف أكثر أهمية لسد الفجوة بين المقصورات المعزولة... ". وهكذا ، يجب ان تشتمل مهمة المعلمين الفكرية على زراعة القدرة عند كل طالب على جسر الحدود بين التخصصات المختلفة والقيام بالروابط التي تنتج أفكار أعمق. إن التعامل مع تعقيد كثير من المشاكل الهندسية والصناعية والاقتصادية والبيئية والسياسية والاجتماعية تحتاج إلى أفراد ذوي مهارات تقنية وكفاءة مهنية للعمل وفق نهج تكاملي لتحديد المشاكل وخلطها بعناية، والبحث عن حلول بديلة لها ، والمشاركة في تطبيقتها النهائية . وبعبارة أخرى ، هناك حاجة إلى التركيز على إنتاج تعليم شامل للطلاب وخاصة طلاب الجامعيين، وذلك لأن جوهر الهندسة باعتبارها مهنه يكمن في دمج جميع المعارف لغرض معين.
التعليم الهندسي الجديد:
يعتقد الكثيرون أن النهج الحالي للتعليم الهندسي غير ملائم ويقود الطلاب بعيداً ، لا سيما في السنوات الأولى. ملاحظة : "نقول للطالب المقبول لدراسة الهندسة، لقد درست الفيزياء، الكيمياء، الرياضيات، العلوم الإنسانية، والعلوم الاجتماعية في المدرسة الثانوية وحصلت على القبول في كليتنا. الآن ستقوم بدراسة الموضوعات نفسها لمدة عام أو عاميين آخريين ؛ حتى يمكنك دراسة الهندسة.
المناهج الحالية لدراسة الهندسة تتطلب من الطلاب للتعلم في مجالات غير متصلة، ومقررات منفصلة لا توضح العلاقة بين بعضها بعضاً وعلاقتها بالهندسة إلا في وقت متأخر من فترة التعليم لدرجة البكالريوس. مما يجعل التعليم في مجال الهندسة يكون من أسفل إلى أعلى. فعلى سبيل المثال، في المكونات غير الموحدة، على الطالب دراسة الرياضيات والعلوم قبل "السماح" له بتأطير مشكلة هندسية، ويترك لوحده المضي قدما لبناء أي شيء. الشكل 1 يوضح هذا النظام التعليم الهندسي التقليدي، حيث يقدم التحديات للطلاب من خلال عدد بسيط من المرشحات كما هو موضح قي الشكل، وتمثل نوعا ً من عملية "المضايقات" على النقيض من التركيز على تطوير الإمكانات البشرية.
بالإضاف إلى ذلك، عادة ما يوصف التعليم الهندسي بمناهج دراسية مصممة لدراسة مجموعة من المواضيع يكون المهندس في "حاجة إلى معرفتها" ، مما يؤدي إلى استنتاج أن التعليم الهندسي هو عبارة عن مجموعة من المقررات. قد يكون محتوى هذه المقررات ذات قيمة عملية ومهنية ولكن هذا الشكل من التعليم الهندسي يتجاهل الحاجة للترابط والتكامل، والتي ينبغي أن تكون في صميم التعليم الهندسي.
إن التطور في محاكاة تخطيطات الحاسوب وتوفر قواعد المعلومات الواسعة وانتشار الرياضيات الرمزية مباشرة على شبكات المعلومات، يجعل من الممكن البدء في دراسة المواضيع الهندسة في السنة الأولى، وذلك قبل وقت طويل من إتقان الطالب العلوم الأساسية والرياضيات والتي تعتبر ضرورية لدراسة الهندسة. الشكل 2 يوضح أسلوب التعليم الهندسي هذا. وبهذا الأسلوب سيتعلم الطلاب أسلوب تحديد المشاكل، والنظر في الحلول البديلة، وينال قسطا من الخبرة في الإثارة والإحباط الناجمة عن التصميم الإبداعي، ومحدودية المعرفة، والانفتاح في إنتاج منتج أو نظام جديد.
وبهذه الطريقة سيكون لدى الدارسين الدافع لتعلَّم العلوم والرياضيات "الضرورية" "فقط في الوقت" الذي يحتاجون فيه لهذه المعرفة للاستفادة منها لفهم أساسيات هندسية. كما تتيح هذه الطريقة الربط بين الهندسة ، والفيزياء، والكيمياء وأساسيات علوم الحياة وغيرها من العلوم الانسانية والإجتماعية الداعمة في سياق تدريس جوهر الهندسة الأساسي. إن متابعة نموا مقدرات طالب لتحقيق النجاح في دراسته، كما هو موضح (الشكل 2) ، سيكون أكثر جدية وفعالية.
أصبحت اليوم محطات الحاسوب التخطيطية وبرامج التصميم المرتبطة بها من الضرورات التي تساعد على تطور التعليم "من أعلى إلى أسفل" أو "في خط الهجوم" أو "فقط في الوقت المناسب" أو "حسب الحاجة". ومن المتوقع في المستقبل القريب أن تكون برامج الحاسوب الموجهة للتخطيط هي نفس البرامج التي سيستخدمها الطلاب في وقت لاحق عندما يلتحق بالصناعة أو برامج الدراسات العليا. مما يجعل تطوير الهندسة كفرع متكامل أكثر مباشر على أساس استخدام المحطات التخطيطية كأداة تكاملية.
تقنيات الإتصال والمعلومات والتنمية الإقتصادية والإجتماعية
تتطورت تقنيات الإتصال والمعلومات عبر التاريخ من أساليب بدائية مثل أستخدام الطبول والدخان الى الأساليب الإلكترونية الرقمية الحديثة فى العصر الحالى. أن التطور الذى حدث منذ منتصف القرن الماضى أدى الى تقليل تكلفة أستخدام هذه التقنيات ألى حد سمح بتوفيرها للجميع وباسعار مقبولة. تتوفرت كثير من التقنيات الحديثة مثل التقنيات الرادوية وتقنيات الكوابل الضوئية التى تمتاز بالكفاءة العالية والتكلفة المنخفضة، وأصبحت كثير من هذه التقنيات فى متناول يد الدول النامية، حيث تم إستخدامها بكثافة لتطوير نظم الإتصال والمعلومات فى كثر من هذه الدول وخاصة فى أمريكا الجنوبية وأسيا ,اخيراً الدول الإفريقية.
رغم المجهود الكبير الذى قامت به الشركة السودانية للأتصالات لتطوير خدمات الإتصالات والمعلومات بالبلاد، فمازال هذا القطاع متخلفا ولايقوم بالدور المناط به فى تحقيق التنمية الإجتماعية والإقتصادية بالبلاد. ومقارنة بالدول الإفريقية، والتى تعتبر أكثر دول العالم تخلفا فى مجال الآتصالات والمعلومات، نجد ان مستوى الخدمات فى السودان متواضعا، فمثلا يوجد بالسودان 2.7 خط هاتف لكل 100 الف مواطن مقارنة مع حوالى 12 خط هاتف فى كل مصر وتونس وحوالى عشرة خطوط فى جنوب أفريقيا. ويعذى اسباب تخلف قطاع الاتصالات والمعلومات بالسودان الى التقنيات المستخدمة وخاصة فى شبكات الوصول (ربط المستخدم بشبكات التبديل والتوجيه)، حيث يعتمد هذا القطاع من الشبكة بصورة رئيسة على النتقنيات النحاسية، التى لاتساعد على تفليل تكلفة الخدمة وتحسيين مستواها. بالإضافة إلى مساحة البلاد الكبيرة التى لا يمكن ان تقدم شركة واحدة للخدمة لكل أرجاء البلاد بفعالية ومستوى متقدم,
أن نجاح إى خطة للتنمية الإقتصادية والإجتماعية بالبلاد يعتمد بدرجة كبيرة على تحديث وتطوير قطاع الإتصالات والمعلومات وذلك باستخدام تقنبات حديثة تساهم فى تقليل التكلفة وتوفير الخدمات لكل قطاعات المجتمع. ولتحقيق ذلك لابد من المنافسة وتقديم الخدمات بواسطة شركات غير حكومية متعددة. فمن الضرورى الأستفادة من التقنيات الحديثة فى التوصيل والتوجيه والتبديل والربط على كافة مستويات الشبكة، ولابد من توفير الاجهزة الطرفية مثل الحواسيب للمستخدمين بأسعار رخيصة، وتوصيل الخدمات للمناطق النائية التى لاتمثل مناطق ربح تجارى. كل هذه العتاصر مجتمعة لابد من الإهتمام بها لتفعيل قطاع الالأتصال وتحويله من خدمات كمالية، الى عنصر أساسى وفعال فى تحقيق التنمية والتطور، الذى لا يمكن أن يتحقق دون أساليب إتصال فعالة، هناك علاقة جدلية بين التطور الإجتماعى وتطور وسائط الإتصال يتأثر كل منهما بالأخر سلباً وإيجاباً.